السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رسالة يسيرة في عقيدة الولاء والبراء...
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..
أما بعد:
الولاء والبراء أصل الدين ومن لم يوجد في قلبه ولاء و لا براء فليس في قلبه من الايمان شيء إذ لا يتصور في مؤمن رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا ألا يكون في قلبه عداء لأعداء الله ورسوله هذا شيء لا يتصور ، فكما تحب ربك سبحانه وتعالى فعليك أن تبغض عدو ربك ، فهذه مسألة واحدة لا تنفصل أبدا ، فالقاعدة المعلومة : حبيب حبيبي ، حبيبي ، فليس من الحب أبداً أن تصافي عدو حبيبك .
قال الله تعالى { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (المجادلة:22)
وهي من قواعد هذا الباب والدواعي إلى المحافظة عليه وقال تعالى { تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ } (المائدة:80)
*- هناك فرق بين المودة والبر
فالبر : لمن تحب ولمن تكره .
والمودة : لا تكون إلا لمن تصافي وتحب .
كالدنيا جعلها الله للبر والفاجر ، أما الآخرة قال تعالى { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } (القصص:83)
*- فالود هو من أصل عمل القلب كالبغض تماما ، لذلك كان من أكمل كمال العبد أن يحب لله وأن يبغض في الله .
*- وردت كلمة المودة في سورة الممتحنة أربع مرات ،
قال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ }
وقال { تسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ }الممتحنة:1
*- فمن الناس من يسمع شتم الله بِإذِنِه فلا يتحرك من داخله ولا يتهيج ، عكس إذا شتم والده فإن الدنيا تقوم ولا تقف .
*- مسألة الولاء والبراء هي من أصل الإيمان والقلب هو المحرك الرئيسي لهذه المسألة والذي لا يوجد في قلبه هذا المعنى فليس عنده قلب وهو كالديوث والذي إذا فقد حرارة القلب مات ، فالذي يحرك القلب حرارة الغيرة .
فالولاء والبراء أصلاً هو ناتج عن غيرة ، والغيرة عبارة عن نار ، النار هو الوقود الذي يحرك القلب ، ولهذا لا يتصور إيمان دون الولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين .
فإذا كان العبد المؤمن إذا اتصف بهذه الصفة فلا بد أن يغضب لله إذا رأى الكفر بعينه كالذي يسجد لصنم أو غير ذلك ، فهل الساجد للصنم أو الذي يرتدي الصليب وغيرهما فهل لهما محبة في قلبك أم البغض ؟ فإذا لم تتحرك الحراة من داخل القلب معنى ذلك فَتِّش على نفسك فإنك على خطر عظيم .
قال جرير بن عبد الله البجلي " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم وعلى فراق المشرك "أهل الشرك أَمَرُّ من نافخ الكير والذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بفراقه ، حيث قال عليه الصلاة والسلام " مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة . متفق عليه
*- فأي براءة من الشرك لهؤلاء الذين أخذوا يُعَزُّون ويظهرون الحزن في هلاك بابا الفاتيكان وهو رأس الكفر في الأرض .
وهذا هو المطلوب أن يوصلوا الناس إلى أنه لا يوجد كافر ومسلم فالكل اخوان في الانسانية ، والله تعالى يقول {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً }(النساء: من الآية 89 )
وقوله { إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ } (الممتحنة:2 )
وقال عز من قائل { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ }(البقرة: من الآية 109
) وقال { وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} لبقرة: من الآية217 إلى غير ذلك من الآيات .
فشغلهم الشاغل لأجل أن تترك دينك ، والله تعالى يقول { وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(البقرة: من الآية217)
وقال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ }(الممتحنة: من الآية 1).
فهذا العدو كفر بالحق والذي لأجله أنزل الله كتاباً وأرسل رسولا ، فأين يا عبد الله ، يا مؤمن ، أين غيرتك على هذا الحق .
*- فالله رب الكون خلق خلقه لعبادته وأرسل إليهم رسلا وأنزل عليهم كتبا ، فهل هذا كله لعب ، والله تعالى يقول{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ *
لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } (الانبياء: 16- 17- 18)
فحاشا لله أن يكون هذا كله لعب حتى أنت تذهب وتصافي عدو الله ، وحتى تكون أنت صديقه العزيز ، وتجامله في أفراحه وأتراحه .
قربك من الله أولى من طعامك وشرابك ، فالطعام قد تبقى عدة أيام بدونه ولا تموت ، والشراب كذلك عدة أيام – من ثلاث إلى أربع أيام – ولا تموت ، أما بعدك من الله فهذا الذي لا تستطيعه أبداً ، فالله سبحانه أقرب إليك وأحب إليك من نَفْسِكَ وَنَفَسِكَ وأهلك ومالك وولدك والناس أجمعين. .
*- تجد في هذه الأيام كثيراً ممن يدعون العلم والتوحيد وهم بعيدون عنه في حقيقة الأمر وذلك بدعوتهم إلى التعايش وتوحيد الأديان – اليهودي – والنصراني – والإسلام – والله تعالى يقول { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (المائدة:51 )
فتجد دعاة التقريب واضع أحدهم نفسه عند رجلي الكافر ، يهنئه بمناسباته الكفرية يذهب إليه ويصافحه ويسلم عليه ، ولئن سألته لماذا تفعل هذا ؟
فالجواب : قال نخشى أن تصيبنا دائرة - أي يأتي الدور علينا - فيقهرونا ، وصدق الحق حيث قال{ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}المائدة
- وإليك أخي المسلم بعض الأحاديث النبوية والتي تدل على الولاء والراء :
1- عن ابن مسعود قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم ؟ فقال المرء مع من أحب . متفق عليه
2- وثبت أنه عليه الصلاة والسلام قال " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله " صحيح الجامع .
3- وجاء عن البراء بن عازب قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال " أي عرى الإسلام أوثق" قالوا : الصلاة قال" حسنة وما هي بها " قالوا : صيام رمضان قال " حسن وما هو به " قالوا : الجهاد قال "حسن وما هو به قال إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله " رواه أحمد وهو حسن لغيره كما في صحيح الترغيب
4- وقال عليه الصلاة والسلام " أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله عز وجل " صحيح الجامع
وفي هذا فروع مفيدة الاول أن هذا كله في الحب الذي هو في القلب وخالصة لأجل الدين وذلك للمؤمنين المتقين بالاجماع وللمسلمين الموحدين إذا كان لأجل اسلامهم وتوحيدهم عند أهل السنة وأما المخالفة والمنافعة وبذل المعروف وكظم الغيظ وحسن الخلق واكرام الضيف ونحو ذلك فيستحب بذله لجميع الخلق إلا ما كان يقتضي مفسدة كالذلة فلا يبذل للعدو في حال الحرب كما اشارت اليه الآية { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } (الممتحنة:8
وأخيراً يتبين لنا من هذه الرسالة البسيطة : أن الموالاة المحرمة بالاجماع هي موالاة الكافر لكفره والعاصي لمعصيته ونحو ذلك
وأختم بهذا الحديث " من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان " صحيح أبي داود . وفي رواية " من أعطى لله ومنع لله وأحب لله وأبغض لله وأنكح لله فقد استكمل إيمانه " صحيح الترمذي