ما هو الأفضل للمتمكنين من رؤية الكعبة في الصلاة خصوصاً في المطاف، النظر إلى الكعبة أم إلى مكان السجود؟
الأفضل للمصلي أن ينظر إلى موضع سجوده، لا إلى الكعبة، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المصلي أن ينظر إلى الكعبة إذا كان يشاهدها؛ ولأن نظره إلى الكعبة وهو يصلي يستلزم أن ينشغل بصره بالطائفين؛ لأن الطائفين حول الكعبة كثيرون ويلفتون النظر، فربما ينشغل بالنظر إلى الكعبة وبهؤلاء الطائفين ويبعد عن صلاته.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان عليه ذات يوم وهو يصلي خميصة، فنظر إلى أعلامها وهو يصلي نظرةً، فلما انصرف من صلاته قال: "اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وائتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني -أي الخميصة- آنفاً عن صلاتي"، فكل ما يلهي المصلي فإنه ينبغي أن يبتعد عنه.
ولكن ما تقولون في مصلٍ يتعمد اللهو حيث ينظر إلى الساعة وهو يصلي، وينظر إلى القلم، وهو يصلي، وإذا تذكر حاجة وهو يصلي أخرج القلم والورقة وكتبه، فلا شك أن هذا خطأ عظيم؛ ولأن الشيطان يأتي إلى الإنسان وهو يصلي يقول: اذكر كذا، أو اذكر كذا، فيذكره بشيء نسيه، حتى إنه ذكر أن رجلاً جاء لأبي حنيفة رحمه الله؛ وأبو حنيفة إمام عالم جليل إمام من الأئمة الأربعة، وكان رجلاً قد أعطاه الله علماً وذكاء، والذكاء مع العقل، والعلم يفيد صاحبه، جاءه رجل فقال له: إني نسيت حاجة أهمتني وشغلتني فماذا تأمرني؟ قال: اذهب فتوضأ وصل ثم أتني بعد صلاتك، فذهب الرجل فتوضأ وصلى، وفي أثناء الصلاة ذكره الشيطان إياها، ثم جاء إلى أبي حنيفة بعد ذلك وأخبره أنه ذكرها حين شرع في الصلاة، لكنني أقول هذا ولست أريد منكم عبرة، إنما الإنسان إذا أقبل على صلاته فينبغي أن يقبل على ربه؛ لأنه واقف بين يديه.
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - المجلد الثالث عشر - كتاب استعمال مكبرات الصوت.