السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فى القرآن الكريم آيات عظيمة، تنطق بإعجاز الأسس التى ينبنى عليها خلق الكائن الحى،
ولقد أثبت العلم بعد نزول القرآن الكريم بأكثر من ألف عام أن ما ورد بها هو حقائق علمية
ثابتة، هى الآن ركائز علم الأحياء.. وهذه الآيات هى :
" ما ترى من خلق الرحمن من تفاوت ".. "31 – الملك"..
" ومن كل شئ خلقنا زوجين اثنين لعلكم تذكرون ".. "49 – الذاريات"..
" أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون ".. "35 – الطور"..
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً
ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ".
"73 – الحج".
وهذه الآيات الكريمة أتت بالحقائق العلمية التالية :
أولاً : إن خلق الكائنات الحية يسير على نمط واحد ونظام ثابت ليس فيه تفاوت..
ما هى بداية أى كائن حى؟.. يخلق الله تعالى منه زوجين، وتكون هذه هى البداية
وتتعاقب الأجيال، جيلاً بعد جيل.. فهى سلسلة متصلة لا يحدث فيها انقطاع أو فجوة..
وبداية الإنسان كانت آدم وحواء، خلق آدم من طين ثم خلقت حواء من ضلع آدم
ومنهما انحدرت البشرية.
ثانياً : الإنسان شأنه كسائر المخلوقات، وليس فى مقدوره أن يكون خالقاً
لأى كائن حى آخر ولو كان ذبابًا، لأن الخلق هو قدرة اختص الله تعالى بها ذاته العلية،
فالله هو الخالق وليس هناك خالق سواه سبحانه وتعالى.
وحين نزل القرآن الكريم كان الاعتقاد السائد منذ عهد "أرسطو"،
أن الكائنات الحية البدائية – مثل الديدان والقواقع –تنشأ من المواد المتحللة العفنة،
وأنه ليس للتكاثر فى هذه الكائنات البدائية أية علاقة بوجود ذكر وأنثى لتلك الكائنات،
وهذه النظرية تعرف بنظرية "الخلق العفوى".. وأيضاً ساد اعتقاد أنه من الممكن أن
تحمل الإناث من التعرض للرياح، وهناك أساطير روت أن هذا يحدث للنعاج وأنثى النمر
وأنواع أخرى من الحيوانات، وامتد هذا الاعتقاد ليشمل أيضاً المرأة إذا تناولت أنواعاً
من الفاكهة أو الأعشاب.. وقد سميت هذه النظرية "التوالد بدون لقاح".
وبعد ميلاد السيد المسيح عليه السلام استند رجال الدين المسيحى إلى نظرية
التناسل العذرى للرد على المتشككين.. وفى هذا الصدد قال القديس أوجستين:
يطالب المتشككون دائماً أن نفسر لهم المعجزات بالمنطق، ونحن لا نستطيع ذلك،
لأن تلك المعجزات تفوق فهم البشــر.... إنهم يتصورون أننا نقول أكاذيب،
ولكن على هؤلاء الأشخاص أن يفسروا لنا المعجزات التى نراها، فمثلاً
فى حى "كابادوكيا" فى آسيا الصغرى، يتم تلقيح أنثى الفرس بواسطة الريح!.
إلا أنه فى القرن السابع عشر ظهرت أول بادرة على فساد هذا الرأى..
وحدثت هذه الثورة الإعلامية حين قام أحد الأطباء الإيطاليين بتجربة فريدة،
فلقد قام الإيطالى "فرانسيكوريدى" بإحضار أربع قطع من اللحم والأسماك
ووضع كل واحدة منها فى إناء، وأعاد نفس التجربة لكنه أغلق فتحة الإناء بالورق باحكام
حتى لا يتسرب لها الهواء، وبعد ثمانية أيام تم فحص الأوانى فوجد قطع السمك
واللحم التى تركت معرضة للهواء قد امتلأت بالديدان.. أما التى تم عزلها وحرمانها
من الهواء فلم تكن بها دودة واحدة. ولكن لم يكن متأكداً ما إذا كان الهواء
أم شئ يحمله الهواء هو السبب فى حدوث التعفن وظهور الديدان..
فأعاد التجربة، ولكن باستخدام الشاش – بدلاً من الورق – لإغلاق الأوانى
وكانت النتيجة مطابقة لما حدث من قبل.
وعلى هذا فقد استنتج "ريدى" أن الديدان لا يخلقها تعرض اللحم للهواء.
وتوصل إلى الحقيقة التالية: أن الهواء يحمل بيض الذباب وحين يتساقط على اللحم
يجد الوسط الغذائى الملائم للنمو فيتم خروج الذباب من البيض.
د. محمود نجيب