<LI>
<LI>
من محاولة الاغتيال إلى الاعتقال.. كيف استقبلتم خبر اعتقال أبو الوليد؟
<LI>
* موقف اعتقال أبو الوليد كان صعبًا على نفوسنا، كان ذلك أثناء عودته من إيران إلى الأردن، ولم نستطع الانتظار حتى يعود للبيت، فذهبنا جميعًا لاستقباله في المطار، مرت لحظات الانتظار والفرحة تملأ عيوننا، والابتسامة ترتسم على شفاهنا، وفجأةً تحولت هذه الفرحة إلى صدمة قاسية، وفوجئنا به ينزل من الطائرة تقتاده الشرطة الأردنية مقيَّد اليدَين هو وإخوانه، فبالرغم من إغلاق مكاتب حماس في الأردن قبل أيام من عودة أبو الوليد، إلا أننا لم نكن نتوقع الاعتقال، إنما توقعنا أن يكون هناك تضييق.
وهنا واجهتني مشكلة حقيقية؛ فالأولاد ما زالوا صغارًا وما يعرفونه أن والدهم مجاهد ومناضل، وأن الشرطة لا تلاحق إلا المجرمين ولا تحبس إلا اللصوص فقط، فكيف يفعلون ذلك مع والدهم المجاهد، مما شكَّل صدمةً لديهم بين مفاهيمهم الطبيعية وما يشاهدونه بأعينهم من ظلم وإساءة للمناضلين، وبالفعل بدأت ألاحظ تأثُّر الأولاد وخاصةً ابنتنا نور، وكأن نظراتها تسألني ما الذي يحدث، ولسان حالها يصرخ: أبي مجاهد وصاحب حق، ونحن في بلد عربي وليس في "إسرائيل" حتى يسجنوا والدي!!
لكنني- ورغم الألم- استعنت بالله، واستحضرت ما عاهدته عليه سبحانه، فصبرت وحرصت على أن أخفف عن أولادي بُعْدَ والدِهم، فالحياة لا تسير على وتيرة واحدة، ولا بد لنا أن نتكيَّف، وأحمد الله أن أعانني على القيام بهذا الدور، فقد كنت أشعر بمعية الله لنا في كل لحظة؛ مما زادني قوة، فاستطعت أن أحتويهم جميعًا، وأن أكون قدوةً لهم، فقد وجدوني قويةً صابرةً محتسبةً فانعكس ذلك عليهم، وحقيقة فإن الله قد أكرمنا بهذا الامتحان، الذي أشعر أننا قد نجحنا فيه، فقد كانت فرصةً لنا لنقترب أكثر من أهلنا في فلسطين، لنشاركهم ولو جزءًا بسيطًا مما يقدمونه، فرغم ما عانيناه من إبعاد ومحاولة اغتيال واعتقال، إلا أنني أرى معاناتهم أكبر، ونحن نتعلم منهم.
<LI>
وأبو الوليد.. كيف واجه الموقف؟
<LI>
* كان حريصًا على رؤية الأولاد جميعهم في كل زيارة، ليعايشوا ما يعانيه أبناء شعبنا الأسرى في سجون اليهود، ويشاركوهم مشاعرهم الأسر، وفقد الأحباء، كما حرص على أن يكون قدوة لنا ويعلمنا، حتى وهو في هذا الموقف، فما زلت أذكر كلماته التي ما زال صداها يتردد في أذني: اصبروا، احتسبوا الأجر، نحن أصحاب حق ولن نرضخ، السجن للرجال، والزي الذي أرتديه (زي السجن الأزرق) وسام شرف لي ولإخواني، هذه الكلمات هي التي أمدتنا بالعون- بعد عون الله عز وجل- وزادتنا صمودًا وفخرًا بهذا القائد.
]والأولاد أيضًا.. فبالرغم من حزنهم الشديد لرؤية والدهم في هذا المكان وبهذه الملابس، إلا أنهم كانوا ينتظرون الزيارة بفارغ الصبر، وأذكر أن فاطمة التي كانت بمجرد أن تراه بهذه الملابس تنهمر عيناها بالدموع حتى تخنق كلماتها، وكذلك باقي الأولاد، أما يحيى- وكان عمره 3 سنوات- فمنذ أول لحظة في الزيارة يجلس في حضن والده ويعانقه ولا ينطق كلمةً واحدةً، حتى إذا جاء موعد انتهاء الزيارة يبكي بشدة ويتعلق بملابس والده ورقبته، رافضًا العودة معنا، حتى إن أحد السجانين رَقَّ لحاله وحاول أن يخفف عنه قائلاً: ما رأيك يا يحيى أن تبيت مع بابا الليلة، فأجابه يحيى: نعم، فقال السجَّان: إذن اسكت وسأعطيك شيكولاته، فصرخ يحيى في وجهه: لا، لا أريد منك شيئًا، أنت سجنت بابا.
<LI>
مطاردة وإبعاد ومحاولة اغتيال واعتقال.. ما مدى تقبل أسرتك وأسرة أبو الوليد لهذه الحياة؟
<LI>
* على العكس تمامًا مما يظن البعض، فكما قلت لك منذ البداية نحن نعلم طريقنا، وقد باركت الأسرتان هذا الزواج، لكن هذا لا يمنع من قلق الأسرتين وانزعاجهما البالغ من هذا الاعتقال الظالم لابنهم، إلا أنهم صبروا واحتسبوا وتضرعوا بالدعاء لله تعالى بالفرج القريب.
<LI>
وماذا عن الجيران والمعارف؟
<LI>
* الجميع بفضل الله وجدت منهم التضامن والتعاطف معنا ومع قضيتنا، كما لمست سخطهم البالغ على ما قامت به حكومتهم بحق هؤلاء المجاهدين، واعتزازهم البالغ بهؤلاء القادة وثناءهم عليهم.
بين السعادة والقلق
<LI>
أنت زوجة المجاهد خالد مشعل وبالتأكيد مرت عليك لحظات قلق وخوف، كما كانت هناك لحظات شعرتِ فيها بالسعادة فهل تذكرين لنا مواقف من الحالتين؟
<LI>
* الموقف الذي أسعد فيه كثيرًا بأني زوجة أبو الوليد هو حين أراه يتحدث بخطابه القوي للجماهير، حيث نلمس فيه القوة والقدرة على التأثير في الناس، ورفع روحهم المعنوية، والإصرار على طريق الجهاد والتمسك بحقوق شعبنا، وما يظهره من محبة ومشاعر جياشة تجاه شعبنا الفلسطيني، بل اتجاه عامة الناس، وأسعد أيضًا عندما أرى طريقته في التعامل مع الناس بتواضع وتبسط، كل ذلك يجعلني فخورةً به وسعيدةً بأنني زوجته.
ورغم صعوبة الظروف التي عشتها مع زوجي خاصة في السنوات الأخيرة، لكنني بفضل الله تعالى لم أشعر أبدًا في أي موقف بالندم ولا بالضيق من هذه المسئولية الكبيرة المفروضة علينا، إنما أصبر وأتحمل وأحتسب الأجر عند الله وأقف إلى جانب زوجي بقوة.
<LI>
وماذا عن القيود التي تفرضها عليك هذه الظروف؟
<LI>
* أكثر القيود المفروضة علينا هي القيود الأمنية، ولكن لأنها أمور اضطرارية ولا بد منها من أجل أمن وسلامة زوجي؛ فإنني أصبر عليها وأتكيَّف معها، وفي ذات الوقت أشارك بهذه الحالة أخواتي في فلسطين اللاتي يعشن مع أزواجهن وأولادهن ظروفًا أصعب من المطاردة والملاحقة وعدم الاستقرار، وهذه بالطبع ضريبة هذا الطريق الذي اخترناه وأجْرُنَا على الله تعالى. ألم تحرمك هذه الضغوط من الحياة الاجتماعية والصداقات؟
<LI>
* على العكس تمامًا، لأسرتنا بفضل الله علاقات واسعة، وأصدقاء كثيرون، يصعب حصرهم، ونحن ولله الحمد نحمل كثيرًا من مشاعر المحبة للناس ونلمس لديهم نفس المشاعر.
تربية الأبناء
<LI>
وكيف أثرت هذه القيود على تربية الأولاد؟
<LI>
* عندما كان أولادي صغارًا لم يعلموا في البداية طبيعة عمل والدهم؛ بسبب أن دوره في ذلك الوقت لم يكن ظاهرًا وكان يتصرف بتكتم وسرية.
ومع مرور الأيام وبروز دوره السياسي في منتصف التسعينيات ثم انتخابه رئيسًا للمكتب السياسي بدأوا يعرفون حقيقة دور والدهم كقائد وحجم الأعباء عليه، وهذا زادهم فخرًا به وحبًّا له، وأبو الوليد بطبيعته يحافظ على سرية عمله وعلى الأمور التي يرى أنه لا بد أن تظل مكتومة، وعوَّد أولاده على ذلك، وهو يضع البيت في الجو العام لعمله حتى نستشعر معه المسئولية ونتكيف مع هذا الجو، لكنه لا يتحدث معنا في خصوصيات عمله، وهو دائمًا يوصينا ويوصي أولاده بعدم الحديث عما لا ينبغي الحديث عنه من خصوصيات البيت التي تتعلق بكون أبيهم قائدًا ومسئولاً.
<LI>
عندما كان الأولاد صغارًا، هل كانوا يفتخرون مثلاً على زملائهم أنهم أبناء قائد مشهور؟ وهل تسبب هذا في بعض المشاكل في المدرسة أو مع الجيران، وكيف واجهت هذا الأمر؟
<LI>
* لا.. فقد حرصنا منذ الصغر على أن نربيهم على التواضع، وذلك لم يدفعهم للتفاخر على زملائهم، بل كانوا يتصرفون بصورة طبيعية، خاصةً أن والدهم عوَّدَهم على ذلك، وكان يشدد عليهم ضرورة أن يظلوا متواضعين وأن يتصرفوا مع زملائهم بكل تواضع ومحبَّة ودون ترفُّع على أحد، والحمد لله أن أولادي تصرفوا دائمًا بهذه الطريقة وعلاقاتهم مع الناس قائمة على ذلك، لا سيما أنهم يجدون أن هذا هو الجو السائد في بيتنا من والدهم ومنِّي.
<LI>
فما أهم النقاط التي حرصتِ عليها في تربيتهم؟
<LI>
* أهم النقاط التي أحرص عليها في تربية أولادي هي الحرص على العبادات والأخلاق الحميدة والالتزام في السلوك ونظافة اليد واللسان والأمانة، إضافة إلى حثهم على أن يكونوا قدوةً حسنةً لغيرهم، وأن يكونوا على مستوى المسئولية باعتبارهم أبناء خالد مشعل، كما أعمِّق لديهم روح الإيمان والتوكل على الله والعمل لقضيتهم والحرص على الانضباط والكتمان بحكم خصوصية البيئة التي يعيشون فيها.
<LI>
وأبو الوليد.. هل لديه الوقت لمشاركتك في هذا الدور؟
<LI>
* زوجي "أبو الوليد" له دور كبير في تربية أبنائه رغم ضيق وقته وكثرة انشغالاته، نعم أنا أقوم بدور كبير في تربيتهم لأخفِّف عنه عبء ذلك، وهو يعتمد عليَّ في ذلك كثيرًا، ولكنه حريص على دوره في متابعة أحوال أبنائه وحل مشاكلهم والحوار معهم، خاصةً أنه يحبهم كثيرًا وهم مرتبطون به ويحبونه جدًّا؛ فهو قدوتهم والمثال الذي يقتدون به، خاصةً أنه يتعامل معهم بتبسُّط ولين واستيعاب وحرية النقاش والأخذ والعطاء ويعطيهم الثقة والطمأنينة، أي باختصار "أبو الوليد" ديمقراطي جدًّا في بيته.
الجوانب الخفية
<LI>
من هو خالد مشعل الذي لا يعرفه الناس؟
<LI>
* خالد- حفظه الله- إنسان رائع بكل معنى الكلمة؛ فهو طيب الخلق، لطيف المعشر، حنون جدًّا معي ومع أولادي، وبالأخص والدته ووالده وباقي عائلته، فهذا الشيء يريحني جدًّا ويعوضني ويعوض الأولاد عن انشغاله الدائم، وبرغم انشغال "أبو الوليد" وطبيعة عمله الذي يحتاج منه إلى قوة وحزم وجهد شاق في مواجهة العدو الصهيوني، إلا أن زوجي لين متبسط معي ومع أولادي، يشاركنا في كل أمورنا الصغيرة والكبيرة، وهو أبٌّ حنون يمازح أولاده ويلاعبهم ويدخل السرور على قلوبهم وقلوبنا جميعًا ويعبر لنا عن حبه ويظهر ذلك جليًّا بتعابير وجهه وابتسامته المريحة.
]مقولة يرددها دائمًا على مسامعنا: "لا أعتقد أنه يوجد في هذه الدنيا من يحب بناته وأولاده وعائلته كما أحبهم أنا"، وهو برغم انشغاله الدائم إلا أنه يساعدني كثيرًا في تربية أبنائه والسؤال عنهم وعن دراستهم وعبادتهم ومشاكلهم، ويحاول بكل جهده أن يساعدهم على حلها بأسلوبه السهل وخبرته الكبيرة، كما أنه مَرِح جدًّا وصاحب نكتة كما يقولون، وأولاده عمومًا أخذوا عنه هذه الصفة.
<LI>
وكيف يتعامل مع الأزمات والمواقف الحرجة؟ وماذا يفعل عند الغضب؟
<LI>
* من خلال تجربتي مع "أبو الوليد" خلال السنوات التي عشتها معه أراه دائمًا يتصرف عند حل أي مشكلة في البيت أو في عمله بهدوء وعقلانية وتوازن واستيعاب الآخر وعدم التعجل وطول النفس، وأشعر أنه قادر على احتواء أي مشكلة تعرض له، ومن طبيعته أن يشجع أولاده وبناته أن يصارحوه بكل شجاعة.
أما عند الغضب، فنحن نقدر مسئولياته وكثرة همومه، فنتركه يهدأ ولا نثقل عليه أكثر، كما أنه- حفظه الله- يرضى بسرعة، فهو طيب وحنون ومتسامح لأقصى الحدود.
<LI>
ذكرت في حديثك أن أبو الوليد لا يتحدث معكم في خصوصيات عمله، وأنتم ألا تحاولون مشاركته تخفيفًا عنه؟
<LI>
* كما قلت سابقًا أن "أبو الوليد" لا يتحدث عن خصوصياته في العمل، وبالتالي لا يشركني في أخذ قراراته تجاه العمل إنما يكتفي بوضعي ووضع عائلته في الجو والهم العام.
]لكنني من خلال متابعتي لما يحدث من تطورات وانهماك زوجي في عمله أستشعر همومه وأبادر مع أولادي وبناتي إلى التخفيف عنه وإلى إبداء ما لدينا من ملاحظات ومقترحات حول الحركة والقضية وهو يستمع لنا بشكل جيد ويتجاوب معنا؛ على سبيل المثال في كثير من الأحيان عندما يستعد (أبو الوليد) لإلقاء محاضرة أو كلمة جماهيرية أو مقابلة تلفزيونية فهو يسألني ويسأل أولاده وبناته عما لدينا من أفكار ومقترحات وعن القضايا التي نشعر أن عامة الناس يسألون عنها أو لديهم شبهات حولها.
<LI>
كلمة توجهها أم الوليد لـ"أبو الوليد".. ماذا تقول فيها؟
<LI>
* باختصار شديد كلمتي لزوجي "أبو الوليد": سر على بركة الله في هذا الطريق المبارك الذي اخترته مهما كانت الصعاب والتحديات والمخاطر، وأنا وعائلتك معك دومًا في السراء والضراء وفي الحلوة والمرة.
<LI>
وكلمة لبناتك وبنات المسلمين؟
<LI>
* أقول لهن: انظرن إلى حال العالم الإسلامي المحزن والمؤلم جدًّا بسبب ضعفه وانقساماته وهيمنة الأعداء عليه، وانظرن إلى ما تعانيه بعض شعوبه من احتلال وعدوان وظلم، ندعو الله تعالى أن يغير هذا الحال إلى حال أفضل خاصةً في فلسطين والعراق وفي كل بلاد العرب والمسلمين.
]أنتِ أيتها الفتاة.. حاملة الأمانة.. يا من لك الأثر في صلاح المجتمع أو فساده، كيف لا وأنت مربية الأجيال وصانعة الرجال ونصف المجتمع؟! تمسكي بتعاليم دينك، واعتزي بحجابك الجميل ولباسك المحتشم، ولا تتشبهي بالراكضات وراء الموضة، وابتعدي عن التميع؛ فهذا لا يليق بمسلمة، والتزمي بشرع ربك؛ ففيه الخير والفلاح في الدنيا والآخرة، وكوني مساهمةً مثل الرجال في قضايا أمتك، وليكن لك دورك المؤثر فيها، ومن ذلك أن تنصري إخوانك المجاهدين في كل مكان وخاصة في فلسطين والعراق.
</LI>
<LI>
</LI>