الحمد لله تعالى حمدا طيبا طاهرا مباركا فيه، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والسراج المنير، تركنا على المحجة البيضاء، لا يزيغ عنها إلا هالك.
أما بعد: فعقد الإجارة في الفقه الإسلامي يعني بيع المنافع، أي الانتفاع بالعين مقابل أجر معلوم، وقد تكون الإجارة لفرد أو مجموعة من الناس كتأجير البيت والسيارة، وإذا كان الانتفاع هبة بدون مقابل فهذا عقد إعارة.
وهذا أمر معلوم واضح يتعامل به الناس والأمر العجيب الغريب الذي تستقبحه الطبائع السوية، والكرامة الإنسانية، ولا نعهده إلا عند الفجار من الرجال والنساء، هذا الأمر هو استئجار فروج النساء وإعارتها، والفرق بين النكاح والسفاح أن النكاح من نعم الله العظمى، وآياته الكبرى، كما قال تبارك وتعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، فأين السكن والمودة والرحمة في السفاح؟
وفي عصرنا استبيحت محرمات بأسماء مختلفة من تلبيس إبليس، كاستحلال الربا باسم الفائدة أو العائد، واستحلال الخمور باسم المشروبات الروحية، واستحلال الفجور والفسق باسم الفن. والعجيب الغريب المستنكر أن ينسب للإسلام استحلال الزنى واللواط باسم زواج المتعة.
وفي مقال سابق تحدثت عن الفرق بين الشيعة والرافضة، وبينت المقام الكريم لشيعة أهل البيت الأطهار، وضلال أتباع عبد الله بن سبأ اللعين من الرافضة الغلاة، وبينت أهم عقائد هؤلاء الرافضة.
وأبين هنا واقعا عمليا لما عليه هؤلاء الرافضة من استحلال الفسق والفجور، حيث أباحوا إجارة فروج النساء وأدبارهن وكذلك إعارتها، كما أباحوا المتعة الجماعية، شأن أكثر الناس فسقا وفجورا، ولا أذكر شيئا من هذا مما نسبه إليهم غيرهم، ولكن أذكر هذا من كتبهم المعتمدة عندهم، وما صدر من فتاوى من مراجعهم ومن أئمتهم، وننظر هنا في كتاب «وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة» للحر العاملي، وهو الكتاب الذي جمع ما ورد في كتب السنة المعتمدة عندهم.
والمؤلف جعل أبواب المتعة في الجزء الرابع عشر، وتبدأ من ص436، وتنتهي في ص496، وتضم ستة وأربعين بابا، وبدأ بالحديث عن إباحتها، وذكر الرواية الآتية: «ليس منا من لم يؤمن بكرتنا، ولم يستحل متعتنا». (ص438).
والمراد بالكرة الرجعة، حيث يعتقدون أن إمامهم الثاني عشر، محمد المهدي، الذي قالوا بأنه ولد سنة 256هـ قبل موت أبيه الحسن العسكري بأربعة أعوام، وسيظل حيا لا يموت إلى قبيل يوم القيامة، وهو غائب يرانا ولا نراه، وسيظهر يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا. وفي العراق الآن جيش المهدي للتعجيل بظهور هذا الإمام، وقد كون فرق الموت التي تقتل أهل السنة بعد تعذيبهم، ثم تلقي الجثث في الطرقات.
وهذه الرواية تجعل نكاح المتعة أصلا من أصول الإيمان عندهم.
فما حقيقة هذا المسمى بنكاح المتعة؟
الباب الرابع عنوانه: «أنه يجوز أن يتمتع بأكثر من أربع نساء، وإن كان عنده أربع زوجات بالدائم» (ص446).
ومما جاء تحت هذا الباب: «تزوج منهن ألفا، فإنهن مستأجرات». (ص446).
«المتعة ليست من الأربع، لأنها لا تطلق، ولا ترث، وإنما هي مستأجرة». (ص446).
«صاحب الأربع نسوة يتزوج منهن ما شاء بغير ولي ولا شهود». (ص447).
إذن هذا المسمى بـ «نكاح المتعة» هو عقد إجارة، وليس إجارة النساء للعمل المباح، إنما إجارة الفروج للمتعة، وللرجل أن يشترط الإتيان في الدبر، فيكون العقد إجارة للأدبار.
وهم يرون أن الإتيان في الدبر لا يفسد الصوم، ولا يوجب الغسل، حيث رووا عن الإمام الصادق أنه قال - وحاشاه ثم حاشاه-: «إذا أتى الرجل المرأة في الدبر وهي صائمة لم ينقض صومها، وليس عليها غسل». (ص104 من الجزء نفسه).
وأجازوا المتعة بالزانيات والعاهرات أصحاب الرايات- كما نراه تحت «باب عدم تحريم التمتع بالزانية وإن أصرت» (ص455).
كما أجازوا التمتع بالمتزوجات ما دامت المرأة لم تخبر بأن لها زوجا. فتحت «باب تصديق المرأة في نفي الزوج والعدة ونحوها، وعدم وجوب التفتيش والسؤال، ولا منها» (ص456) جاء ما يأتي:
قلت لأبي عبد الله - أي الإمام الصادق رضي الله عنه وأذل وأخزى من افترى عليه-: ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد، فأقول لها: لك زوج ؟ فتقول: لا فأتزوجها؟! قال: نعم هي المصدقة على نفسها».
وكما افتروا عليه أنه قيل له: «إني تزوجت بامرأة متعة، فوقع في نفسي أن لها زوجا، ففتشت عن ذلك فوجدت لها زوجا، فقال: ولم فتشت؟».
وافتروا عليه أيضا أنه قيل له: «إن فلانا تزوج امرأة متعة، فقيل للرجل: إن لها زوجا، فسألها؟ فقال الإمام: ولم سألها؟».
وأجازوا التمتع بالبكر بدون إذن أبويها ما دامت بلغت تسع سنين. «انظر ص460».
وافتروا على الإمام الصادق أيضا أنه سئل عن التمتع بالأبكار، فقال: هل جعل ذلك إلا لهن ؟ فليستترن وليستعففن. (ص458).
وقيل له: جارية بكر بين أبويها تدعوني إلى نفسها سرا من أبويها، فافعل ذلك؟ فقال رضي الله عنه: نعم، واتق موضع الفرج فإنه عار على الأبكار. (ص458، 459).
وقال: «لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن أبويها ما لم يفتض ما هناك لتعف بذلك». (ص459).
وفي «باب أنه لا حد للمهر ولا للأجل...» بيان جواز الدرهم، وكف الطعام، والسواك، وما شاء من الأجل. (ص470).
وفي «باب ما يجب على المرأة من عدة المتعة»: إن كانت تحيض فحيضة، وإن كانت لا تحيض فشهر ونصف، فرقة بغير طلاق، ولذلك يمكن أن تتكرر الفرقة ألف مرة أو أكثر. (ص473).
وفي «باب أن المرأة المتمتع بها مع الدخول لا يجوز لها أن تتزوج الزوج إلا بعد العدة...»: ليس بينهما عدة إلا لرجل سواه، إن شاءت تمتعت منه أبدا، وإن شاءت تمتعت من عشرين بعد أن تعتد من كل من فارقته. (ص475).
ولأن هذا الزنى والفجور المسمى بالمتعة يتكرر كثيرا، لم يعد للعقد أهمية، ولذلك نجد «باب أن من أراد التمتع لامرأة فنسي العقد حتى وطأها فلا حد عليه، بل يتمتع بها، ويستغفر الله». (ص492).
ويجوز التمتع بالحامل من غيره، ولذلك نجد قولهم: لك ما دون الفرج إلى أن تبلغ في حملها أربعة أشهر وعشرة أيام، فإذا جاز حملها أربعة أشهر وعشرة أيام فلا بأس بنكاحها في الفرج». ص505).
وما دون الفرج عندهم يمكن أن يكون في الدبر.
وإلى جانب الإجارة نجد الإعارة شأن أي متاع، ففي «باب أن يجوز للرجل أن يحل جاريته لأخيه فيحل له وطؤها»، إذا أحل الرجل لأخيه جاريته فهي له حلال، وفي رواية: يحل فرج جاريته لأخيه. وفي رواية ينسبون للإمام الصادق - وحاشاه وهو الطاهر النقي- أنه قال: يا محمد خذ هذه الجارية تخدمك وتصيب منها، فإذا خرجت فارددها إلينا.
ولم يقف الأمر عند جواز المتعة، فالباب الثاني من أبواب المتعة عنوانه: «باب استحباب المتعة وما ينبغي قصده منها»، وما جاء تحت هذا الباب.
إن كان المتمتع يريد بذلك وجه الله تعالى، وخلافا على من أنكرها، لم يكلمها كلمة إلا كتب الله له بها حسنة، ولم يمد يده إليها إلا كتب الله له حسنة، فإذا دنا منها غفر الله له بذلك ذنبا، فإذا اغتسل غفر الله بقدر ما مر من الماء على شعره بعدد الشعر. (ص441). وفيه: «المؤمن لا يكمل حتى يتمتع». (ص442).
وفيه أيضا: «ما من رجل تمتع ثم اغتسل إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه سبعين ملكا يستغفرون له إلى يوم القيامة، ويلعنون متجنبها إلى أن تقوم الساعة».
(ص444).
وفي هذه الأبواب جاءت روايات تخالف هذا الفسق والفجور والمجون فرفضوا الأخذ بها، وحملوها على التقية.
دراسة أكاديمية لأستاذة شيعية عن المتعة
وإذا كنا نعجب كيف ينسب هذا للإسلام دين النقاء والطهر، وينسب لآل البيت الأطهار الأبرار، فإن الواقع العملي أسوأ من هذا بكثير، ولا يختلف عن الدعارة والزنى قيد أنملة سوى أن هؤلاء الذين رزيء بهم الإسلام ينسبون إلى هذا الدين العظيم المبرأ مما يقولون.
باحثة شيعية تدعى د. شهلا حائري، حفيدة آية الله حائري، قامت بدراسة أكاديمية موثقة في كتاب «المتعة»، ونذكر هنا بعض ما جاء في هذا الكتاب:
قالت الباحثة (ص29): «أخبرني الأشخاص الذين قابلتهم عن تعدد الطرق التي تستعملها النساء في التعبير عن رغبتهن في عقد زواج المتعة، فعلى سبيل المثال تقوم المرأة بارتداء حجابها مقلوبا، للتعبير عن رغبتها وجاهزيتها، وكذلك المرأة التي تكثر من التطلع حولها».
وفي (ص93): للزوج حق الاستفادة من موضوع الإيجار، أي النشاط الجنسي للمرأة، وللمرأة الحق في التعويض المالي، أي الأجر.
ومن يعقد زواجا مؤقتا مثل الذي يستأجر غرفة في فندق للإقامة بها.
وفي (ص146) جاء الحديث عن المتعة الجماعية، فبالإمكان عقدها بين المرأة ومجموعة من الرجال بطريقة متسلسلة، وأحيانا خلال مهلة لا تتجاوز بضع ساعات.
وفي ص180، 181: في عهد الشاة لم يكن الناس يعقدون زيجات متعة، لأن الفنادق لا تعطي غرفا، أما اليوم فإن ما يجري في غرف الفنادق أمر لا يعني أحدا، وأكثر من يمارسون المتعة من رجال الدين.
وفي ص240: كان مرتبو الزيجات يشغلون الغرف العليا داخل المزار في مدينة مشهد، ويلعبون دور الوسطاء بين نساء المدينة والحجاج - أي زوار القبور والأضرحة - المهتمين بالعثور على زوجة مؤقتة، وأثناء الزواج إما أن يقيما في منزل أحد الأقرباء، أو الأصدقاء، أو يذهبا إلى أحد الفنادق، أو ما شابه ذلك.
وفي ص163: عاد مثقف كبير كان منفيا خلال عهد الشاه، وأسس مدرسة داخلية، وارتدى ثوبه الديني مجددا، وأصبح إمام الجمعة في مدينة قم، وتسجلت في مدرسته ست وسبعون فتاة من مختلف الأعمار، جئن من مختلف أنحاء إيران للدراسة.
شكت زوجته في طبيعة علاقاته مع طالباته، فتبين لها أنه يقيم علاقات غير شرعية مع بعضهن، رفعت دعوى فقضت المحكمة على صاحب المدرسة بعقد زيجات متعة مع إحدى عشرة فتاة كان يقيم معهن علاقات غير شرعية، لم ترد عائلات الفتيات أن يعرف أحد بهذا الأمر، فصمتوا.
وفي ص269: من لديه خلفية دينية يعرف ماذا يريد، ويمارس المتعة بكثرة، ولكن الناس العاديين لا يمارسونها بكثرة، وحيث يوجد رجال دين توجد نشاطات جنسية كثيرة.
وفي ص161 ذكرت اسم امرأة كانت تعقد زواج متعة كلما أمكن لها ذلك، ولمدة ساعة أو ساعتين أو ليلة كحد أقصى، وتزاول الجنس كل ليلة إذا أمكن.
وفي ص160: مدينة النجف مدينة تشتهر بأنها تمارس فيها المتعة على غرار مدينة قم.
وفي ص144: حديث عن زواج التجربة:
بإمكان رجل وامرأة يريدان عقد زواج دائم، ولكن لم تتح لكل منهما الفرصة الكافية لمعرفة أحدهما الآخر، أن يعقدا زواج متعة لفترة محددة، على سبيل التجربة.
في ص125: جاء الحديث عن زواج المتعة بين السيد والخادمة، ومما جاء فيه: طالب جاء لقضاء عطلة الصيف مع أهله، وفي إحدى الليالي دخل غرفته فوجد في سريره مراهقة نصف عارية، كانت والدته قد عقدت نيابة عنه زواج متعة له مع خادمة شابة وأمرتها بالبقاء في غرفته وانتظاره.
وفي ص296: الطفل المولود في إطار هذا النوع من الزواج لا يعرف والده.
وبعد: فهذه لقطات سريعة من كتاب يقع في أكثر من ثلاثمائة صفحة، تبين بعض ما يحدث في مجتمع الرافضة، والقارئ للكتاب يلاحظ أن هذا الفساد والفجور يكثر في المدن التي يكثر بها مزارات للأضرحة، وهو ما يعبرون عنه بالحج، وكثيرا ما تبدأ العلاقة عند تلاحق الرجال بالنساء داخل الأضرحة، ولرجال الدين دور بارز في نشر هذا المجون.
بحث آخر عن المتعة عند الشيعة
وننتقل إلى بحث آخر كتبه عالم شيعي أيضا عن زواج المتعة، وهو السيد حسين الموسوي، من علماء النجف، ألف كتابا عنوانه: «كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار»، وفي ص35 كتب فصلا عنوانه: «المتعة وما يتعلق بها»، وهو يقع في أكثر من عشرين صفحة من القطع الكبير.
وأنقل هنا بعض ما جاء في هذا الفصل.
قال في بداية الفصل: كنت أود أن أجعل هذا الفصل «المرأة عند الشيعة» «لكني عدلت عن ذلك لأني رأيت أن كل الروايات التي روتها كتبنا تنسب إلى النبي صلى الله عليه وآله، وإلى أمير المؤمنين، وأبي عبد الله عليه السلام وغيرهما من الأئمة.
فما أردت أن يصيب الأئمة عليهم السلام طعن، لأن في تلك الروايات من قبيح الكلام ما لا يرضاه أحدنا لنفسه، فكيف يرضاه لرسول الله صلى الله عليه وآله وللأئمة عليهم السلام.
لقد استغلت المتعة أبشع استغلال، وأهينت المرأة شر إهانة، وصار الكثيرون يشبعون رغباتهم الجنسية تحت ستار المتعة وباسم الدين.
وذكر روايات في الترغيب في المتعة، ثم قال: ورغبة في نيل هذا الثواب فإن علماء الحوزة في النجف وجميع الحسينيات ومشاهد الأئمة يتمتعون بكثرة وكل يوم رغبة في نيل هذا الثواب ومزاحمة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنان، ثم رد على هذه الروايات المفتريات، وبين خطرها، ثم قال: لما كان الإمام الخميني في العراق كنا نتردد إليه ونطلب منه العلم حتى صارت علاقتنا معه وثيقة جدا، وقد اتفق مرة أن وجهت إليه مدينة «تلعفر»، وهي مدينة تقع غرب الموصل على مسيرة ساعة ونصف تقريبا بالسيارة، فطلبني للسفر معه، فسافرت معه، فاستقبلونا وأكرمونا غاية الكرم مدة بقائنا، عند إحدى العوائل الشيعية المقيمة هناك، وقد قطعوا عهدا بنشر التشيع في تلك الأرجاء، وما زالوا يحتفظون بصورة تذكارية لنا تم تصويرها في دارهم.
ولما انتهت مدة السفر رجعنا، وفي طريق عودتنا ومرورنا في بغداد أراد الإمام أن نرتاح من عناء السفر، فأمر بالتوجه إلى منطقة العطيفية حيث يسكن هناك رجل إيراني ا
مجلة التوحيد/ عدد شهر جمادى الآخر 1428هـ